الكتيبة الطيبية *
يزخر تاريخنا القبطي بسير الشهداء الذين قدمو حياتهم للموت من أجل المسيح ، ولقد أظهرت الاضطهادات التي راح ضحيتها آلاف الشهداء ملوك وأباطره تفننوا في ابتكار وسائل تعذيب جديده ليرهبوا بها المؤمنين .
ومن أفظع الأباطره بطشا مكسيميانوس الذي شارك دقليديانوس الأمبراطورية وشاركه ايضا بطشه وقسوته ووحشيته . وكان هذان الحاكمان يسيطران علي الشرق والغرب ولقد قاما بتجنيد شباب من مختلف الشعوب الخاضعة لهما ، وكان من ضمن كتائب الجيش كتيبة تسمي الكتيبة الطيبية التي تكونت من شباب مدينه طيبة ( الأقصر ) الأقباط وكانوا تحت قيادة قائد شجاع اسمه موريس .
ولقد تميز ضباط و جنود الكتيبة الطيبية بأخلاق الفرسان من الشجاعة والثبات والاخلاص وطول الآناه ، و قد أبلت هذه الكتيبة الطبية بلاءاً حسنا في الحروب التي خاضتها وشهد ببسالتهم قيادة الجيش الرومانى ...
وحدث ان اهالي غاليا ( فرنسا ) تمردوا علي الامبراطور مكسيميانوس الذي أرسل الي زميله ديقليديانوس يطلب العون ، فأرسل له الكتيبة الطيبية ، فأمر أن تنقسم الكتيبة الي قسمين : قسم يتجه الي حدود غاليا ( فرنسا ) وقسم ينتظر علي الحدود السويسرية استعدادا للطوارئ .
و كانت من عادات الملك مكسيميانوس الذهاب للمعبد ليلة المعركة ليبخر للأوثان لينصروه في معاركه ، وفي الليلة التي كان مقرر أن يحارب في صباحها الغاليين أمر الكتيبة الطيبية بأن تأتي معه الي المعبد للتبخير للأوثان ، ولكن اعلن أفراد الكتيبة رفضهم لهذا الأمر .
عنده أمر الملك جنده الرومان أن يصفوهم صفا صفا ويجلدوا العاشر من كل صف ثم يقطعوا رأسه بعد جلده ، وهكذا قتل عُشر الكتيبه ليخيف البقية ولكن اتفق الباقون علي كتابة خطاب والتوقيع عليه كلهم وارساله له قالوا فيه :
" أيها القيصر العظيم - اننا جنودك ولكننا في الوقت عينه عبيد الله ، فنحن ندين لك بالخدمة العسكرية ، أما الله فندين له بولاء قلوبنا . ونحن نأخذ منك الراتب اليومي ، أما الله فنسأل منه الجزاء الأبدي .
أيها القيصر العظيم - لا يمكننا بأي حال من الأحوال أن نطيع الأوامر المخالفة لله . ومادامت احكامك متفقه مع أحكامه تعالي فنحن ننفذها ، أما التي تعارضت مع احكامه فلن نقبلها لأنه ينبغي أن يطاع الله أكثر من الناس ، وولائنا لأوامره فوق ولائنا لكل الأوامر مهما كان مصدرها . ولسنا ثوار لأن بيدينا الأسلحه وبها نستطيع أن ندافع عن أنفسنا ونعصاك ، ولكننا نفضل أن نموت أبرياء من أن نعيش ملوثين . وأننا مستعدين لأن نتحمل كل ما تصبه علينا من صنوف التعذيب لأننا مسيحيون ونعلن مسيحيتنا جهارا "
ولما قرأ الامبراطور الخطاب غضب بشده وأزعجه ما فيه من أتزان وجرأة فازداد غيظا وأمر بقتل العاشر من كل صف مرة اخري ، فأصطفوا في شجاعة وثبات وكان عندما يسمع أحدهم أسمه كان يرمي بأسلحته علي الأرض ويقدم ظهره للسياط وعنقه للسيف في ثبات . وهكذا أفتك مكسيميانوس عُشر الباقيين ، وأمر الباقيين بأن يصحبوه للمعبد ويبخروا للأصنام ولكن الباقيين من الكتيبه لم يرهبهم ما رأوه من قتل زملائهم وظلوا علي ثباتهم واصروا علي الرفض واعلان مسيحيتهم ، عندها أمر الملك بابادة الكتيبة بأكملها وهكذا قام الجنود الرومان بقتل الضباط والجنود المصريين ولم يبقوا منهم علي أحد ، وأنطلقوا من صفوف الامبراطور الغاشم الي المنتصرين خدام الملك المسيح .
+ يصف الاب بول دورليان هذه الملحمة الرائعة في كتابه قديسو مصر قائلا " هكذا استشهد البعض في اجون والبعض في جوليا وغيرهم في تريف وفي فينتي ميليا وفي برجامو ، فكانت مذبحة هائله ومجزرة همجية فظيعه تناثرت فيها أشلاء المصريين فوق وادي آجون وأرتوت أرضه بدمائهم ، فنالو بذلك أكاليل المجد الغير مضمحل "
- آجون مدينه في سويسرا اسمها الآن " سان موريس " وهو اسم قائد الكتيبة الطيبية .
- جوليا هي الآن مدينة بورجو سان دونينو في لومبارديا بشمال اطاليا .
- تريف تقع علي نهر الموزيل ين فرنسا وبلجيكا .
- فينتي ميليا مدينه ايطالية تقع علي بعد ثلاثين كيلو متر من نيس .
- برجامو احدي مدن ايطاليا الشمالية وتقع علي بعد أربعين كيلو متر من ميلانو .
وكانت الكتيبة الطيبية تصحبها مجموعة من الممرضات ، ومن بين هؤلاء الممرضات القديسة فيرينا .
__________________
* طيبية : نسبة الي مدينه طيبة الأقصر حاليا .
0 comments:
إرسال تعليق